05/12/08

Kufiya



Ahora
casi veo el rostro borroso de mi padre.
¡Qué alejado está este rincón del litoral con sus campanarios
de nuestro pueblo, donde flotan las palmeras!
Cierro los ojos para ver el rostro de mi padre.
Era hermoso.
Mi abuelo le dijo al nacer:
“Yo te doy el nombre de Yusuf”.
No recuerdo haber hablado a mi padre
ni que él me hablara.
Pero su rostro se repite ante mí ahora:
la kufiya blanca,
la nariz afilada,
los ojos grandes.
¿Debo preguntarme si mi padre me llevó,
como un pájaro,
sobre sus hombros?
¿Por qué no se lo pregunté a mi madre?
¿Acaso atesoro su blanca imagen en la memoria?
¿O bien la creé?
¿La perfilé a mi gusto
hasta darle forma?

Y ahora,
en este rincón del litoral,
mientras la lluvia cae desde el alba sin interrupción,
percibo el olor de su túnica.

1 comentario:

  1. SAADI YUSUF
    ___________________________________________________

    سعدي يوسف
    أمي، قالت لي يوما

    أمي،

    قالت لي يوما:

    "يا ولدي،

    حين أتيتَ إلى هذي الدنيا

    أحسستُ بخطفة برقٍ في عينيّ…"

    وأمي تعرف أني أعرفها

    لم أنظر في عينيها، لم أعرف لونهما

    (لا شكّ هما سوداوان)

    لكني أشعرُ كلّ مساءٍ أني أتباركُ

    بالدمع المنهلِّ من العينين عليَّ…

    أنا، الابن الضالّ، المسكين

    الضائع بين سماوات القارات

    كنجمٍ أفلت…

    ………

    ………

    ………

    يا أمّي:

    غطّيني بحرير ترابك

    بالنور الدافق من عتمة قبرك

    غطّيني بالفوح

    ولون حليبك…

    ما هذي القرية، يا أمّي؟

    يا ما طوّفنا في الطرقات

    ويا ما أطللنا من شرفات نسألها عن معنى

    لكني لم أعرف، يا أمّي

    إلا قبل ثلاثة أعوام، أن الدنيا سجنٌ

    يسكنه موتى…

    لم أعرف، إلا قبل ثلاثة أعوامٍ

    أنك، وحدك، كنتِ صديقة عمري

    وحديقة أحلامي





    كنا في كوخ من سعفٍ وجذوعٍ

    كوخ في بستان النجديّ

    بناه أبي بيديه العاريتين…

    الجدول يلمس باب الكوخ

    ويلحسُ أطرافَ القدمين بأسماكٍ من فضّة.

    ما كان الكوخ لنا منتجعا صيفيا-

    كان المنزلَ…

    أذكرُ أنا كنّا نهبط في الماء

    ونمسك سطح الماء كحيّات الماء

    لقد كنّا الفقراء

    ولا نعلمُ أنّا فقراء…

    ………

    ………

    ………

    ولكنّ الصيف سيمضي

    لتغور إلى القاع الأسماكُ وحيّاتُ الماء

    وستأتي الأمطار

    سيأتي البرد

    ويأتي جوع الزرزور…

    ونبتلّ، ونحن نيامٌ، بالمطر المتنزّل من سقف الكوخ

    ونضحكُ

    نضحكُ

    مرتجفين، نُقضقضُ أسنانا أرعدها البردُ

    وأطرافا أنهكها الجوعُ

    وأسألُ أمّي عن مأوى…



    الآن

    أكاد أرى وجه أبي الغائم…

    - ما أبعد هذا المنتبذ البحريّ بأبراج كنائسه

    عن قريتنا، حيث يغيم النخلُ-

    ولكني أغمض عينيّ لأبصر وجه أبي…

    كان جميلا

    جدّي قال له في المهد:

    "أنا، أسميتُكَ يوسف…"

    ………

    ………

    ………

    لا أتذكّر أني كلّمتُ أبي

    لا أتذكّر أنّ أبي كلّمني…

    لكنّ الوجه يلحّ عليّ الآن:

    كوفيّته البيضاء

    الأنف المرهف

    والعينين الواسعتين…

    هل لي أن أسأل إن كان أبي أجلسني

    كالعصفور

    على كتفيه؟

    لماذا لم أسأل أمّي عنه؟

    أتراني كنت أضنّ بصورته البيضاء على الذكرى؟

    هل كنت أكوّنه؟

    هل كنت أشكلّه حسبَ هوايَ،

    وأمنحه الصورةَ؟

    ………

    ………

    ………

    والآن…

    وفي هذا المنتبذ البحريّ

    (المطر المتقطّع منذ الفجر اغترز…)

    استروحتُ شميما من دشداشته…

    ______________________________

    من ديوان "حياة صريحة". دمشق 2001

    ResponderEliminar

Neste blog utilizamos as imaxes con fins educativos. Se algunha delas estivese suxeita a dereitos de autor, pregamos vos poñades en contacto connosco para retirala de inmediato.
Deseño logo: shouvas